in

قصة سيدنا نوح عليه السلام كاملة

قصة سيدنا نوح
قصة سيدنا نوح

إن قصة سيدنا نوح عليه السلام ، وقصص الأنبياء عموما تمثل مراكز للإعداد والتأهيل، للدعوة إلى إظهار الحق وإبطال الباطل، كما أنها تعدُّ مدارس للتدريب على الصبر والجهاد، كما أنها ترشد العباد إلى النجاح والفلاح في دنياهم وأخرتهم بما فيها من مواعظ وعبر.

وقصة سيدنا نوح عليه السلام في القرآن الكريم، تأتي ضمن الهدف المشار اليه من قبل، فهي تعدُّ منارة للدعاة يهتدون بهديها في طريق دعوتهم، كما تعد مدرسة للمجاهدين في سبيل إعلاء كلمة الحق وإبطال الباطل، وهي قبل هذا وذاك تعتبر مثالاً يحتذى للمضي قدماً في طريق الثبات على المبدأ، وتحمل المشاق والصعاب من أجل نشر الدعوه والخير بين الناس.

وقد وردت أحداث قصة سيدنا نوح عليه السلام ودعوته إلى قومه في العديد من السور في القرآن الكريم، وبأساليب متنوعة، فجاءت في سورة هود أكثر تفصيلاً. وجاء الحديث عنها في سور الأعراف، ويونس، والمؤمنون، والشعراء، والعنكبوت، والصافات، والقمر بشيء من التفصيل، وجاءت إشارة إليها في سور الأنبياء والفرقان والذاريات، وهناك سورة كاملة في القرآن سميت باسم سيدنا نوح عليه السلام، تحكي لنا قصته وما دار بينه وبين قومه.

بداية قصة سيدنا نوح عليه السلام

وحاصل قصة سيدنا نوح مع قومه، أنه عليه السلام أرسله الله إلى قوم كانوا يكفرون بالله ويتخذون الأصنام آلهة لهم من دون الله، ويتخذون لها أسماء ما أنزل الله بها من سلطان، فأخذ نوح عليه السلام يدعوهم بكل السبل الترغيبية والترهيبية ليتركوا عبادة تلك الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، ويؤمنوا بالله الواحد الأحد، وقد أخبرهم عليه السلام أنه لا يريد من وراء ذلك أي أجر، بل هو يريد الأجر من الله، {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} (الشعراء:109)، فهو رسول من الله، ومبلِّغ لرسالة الله،إلا أن قومه رفضوا الاستجابة لدعوته ووصفوها بالبهتان وجحدوها، وقالوا له إنا لنراك في ضلال مبين، ولم يقتصروا على هذا فقط وانما ظلوا على ما كانوا يعبجونه من اصنام وأوثان وقالوا له لن نترك آلهتنا ونتبعك أنت، وعلى الرغم ما تلقاه نوح عليه السلام إلا أنه ظل يدع قومه ألف سنة إلا خمسين، لكن قومه رفضوا الاستجابة لدعوته،ولكن سيدنا نوح ظل يدعوهم، حتى قال الله له: أنه لن يؤمن معك غير الذي قد آمن من قبل فلا تحزن ولا تبتئس، وعندما لم تنفع معهم أساليب الدعوة كافة، أغرقهم الله سبحانه، وجعلهم آية لمن خلفهم حتي يعتبروا بهم.

أحداث قصة سيدنا نوح عليه السلام

سفينة نوح
سفينة نوح

تُصنف قصة نوح عليه السلام ضمن سياق القصص القرآنية للأنبياء عموماً، فهي تخبرنا أن سيدنا نوح عليه السلام أُرسل إلى قومه ليخرجهم من عبادة الأوثان والأصنام، ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، ويحذرهم من عذاب يوم أليم، وهذه هي المهمة الأساسية للأنبياء، كما جاء ذلك على لسان نوح مخاطباً قومه بطبيعة المهمة التي جاء لأجلها: وهي عبادة الله والتسليم له وترك أي معبود غيره.

لكن إن نوحاً بالرغم من الذي رآه من قومه من صد ورفض وانكار، أخبر قومه أنه ماض في طريقه، ثابت على عزمه، لا يمنعه عن قصده إعراضهم، ولا يمنعه من تبليغ رسالة ربه انكارهم، فها هو يقول لقومه بقوله: {فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين} (يونس:72).

لكن بعد كل ذلك قومه لم يستجيبوا لدعوته ونصائحه، بل استمروا في طغيانهم يعمهون، وفي ضلالهم يرتعون، بل أخذوا يستهزئون ويسخرون منه، ويصفون دعوته بالكذب، وهو ما عبر عنه سبحانه بقوله: {إنا لنراك في ضلال مبين}، وهذا حال الفجار والكفار دائماً وأبداً، حيث يرون الأبرار في سفاهة وضلال، كما قال تعالى: {وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون}. (المطففين:32).

وتحكي لنا قصة سيدنا نوح أيضاً، أن قوم نوح سخروا من الذين آمنوا معه، ووصفوهم بأنهم من أراذل قومهم، وهذا هو حال الكفار والمستكبرين في كل زمان ومكان، يصفون أتباع الحق بأنهم شرذمة قليلون، يبغون الفساد في الأرض، ويعكرون صفو الحياة، قال تعالى على لسان قوم نوح: {وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي} (هود:27)، وقال أيضاً: {قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} (الشعراء:111).

وظل سيدنا نوح يخبر قومه، أنه لن يترك أبداً من صدق برسالته واتبعه، ولا أن يقفل الباب أما من آمن لربه،  فقال لهم (وَمَا أَنا بِطَارِد اَلمُؤمِنين).

وبعد أن واجه نوح قومه بهذا الموقف، يخبرهم بأن مهمته الأساس التي ارسله الله من أجلها بعد الدعوة إلى عبادة الله وحده، هي إنذار الناس من عذاب يوم عظيم، ولذلك خاطبهم وقال لهم: إني كلم رسول من الله نذير لكم أخاف عليكم من العذاب.

وكما هي طبيعة الحال، فإن الله نجى نوحاً والذين آمنوا معه، وأغرق المعارضين لسبيل الحق، والمعرضين عن طريق الهدى، وجعلهم عبرة لمن خلفهم، {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون * ثُمَ أَغرَقنا بَعدُ البَاقِين * إن فِي ذَلِك لآية وَمَا أكثَرهُم مُؤمِنِين}، {قِيلَ يَا نُوح اِهبِط بِسلامٍ مِنَا وَبرَكاتٍ عَليكَ وَعلى أُمَمٍ مِمن مَعك وَأُمَمٍ سَنُمَتِعهم ثُمَ يَمسهم مِنا عَذابٌ أَلِيم}.

هذا، وقد دخل في أحداث قصة سيدنا نوح عليه السلام حوار بينه وبين وابنه الكافر، ابن سيدنا نوح ذلك الابن الذي ظل على جحوده وكفره، ورفض أن يسلك طريق الإيمان والهداية، فكانت عاقبته عاقبة من تمسك بكفره وجحوده، فأصبح من الغرقى، ولم تصح شفاعة والده له عند الله ، عندما قال الله تعالى لنوح عليه السلام، أن ولدك عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم.

ما يستفاد من قصة سيدنا نوح عليه السلام

كما أشرنا في البداية، فإن قصة سيدنا نوح من أكثر القصص التي تكرر ذكرها في القرآن الكريم، وما تحمله القصة من الدروس والعبر والمواعظ.

أولاً : الصبر على أداء الأوامر التي كلفنا الله بها، والصبر على أذى السفهاء والجهلاء، والصبر في مواجهة الأعداء، والصبر على مشاق الحياة كافة.

ثانياً : أن الإنسان العاقل الحكيم هو الذي يتقبل شبهات خصمه وأكاذيبه بقلب رححب وسليم، وعقل حكيم، ثم يرد عليها بما يدحضها من قواعدها.

ثالثاً : الشجاعة في إبداء الرأي، والغيرة على الحق، وإفهام المعترضين على دعوته بأسلوب لين أنه سيمضي قدماً في طريقه، لا يخاف من شيء، ولا يثنيه عن ذلك وعد أو وعيد.

رابعاً : أن الإنسان العاقل، والداعي الحكيم هو الذي يبعث لغيره النصائح والإرشادات بأساليب متنوعة، تارة عن طريق الترغيب وتارة عن طريق الترهيب، وتارة عن طريق الدعوة إلى التأمل والتدبر فيما خلقه الله، ومرات أخرى عن طريق إظهار أفضال الله ونعمه علينا.

خامساً : عدم النظر عما في أيدي الناس، وعدم التطلع إلى ما في أيديهم من أموال، والزهد بكل ما يملكون من حطام الدنيا، وإيثار ما عند الله على ما عندهم، ووضح ذلك سيدنا نوح عندما أخبر قومه أنه لا يبتغي منهم الأجر مقابل دعوته لهم، ولكن يريد به وجه الله، وأن يرشدهم نحو الطريق السوي والصراط المستقيم.

سادساً : أن النجاة والفلاح للمتقين المؤمنين في النهاية، قال تعالى: {فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون} (الشعراء:119)، وأن العدوان والخسران على الظالمين : {ثم أغرقنا بعد الباقين} (الشعراء:120).

سابعاً : أن القرابة والنسب، وكذلك الجاه والمال والسلطان، لا اعتبار لها في ميزان الله، بل العبرة بداية ونهاية للعمل الصالح، وتصحيح العلاقة مع الخالق، وغير ذلك لا يفيد عند الله شيئاً.

وصلنا الى نهاية قصة سيدنا نوح عليه السلام، نتمنى أن تكونوا استفدتم وتوصلتم إلى معلومات جديدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قصة سيدنا يونس

قصة سيدنا يونس عليه السلام

تفسير حلم الثعبان

تفسير حلم الثعبان