in

قصة سيدنا يونس عليه السلام

قصة سيدنا يونس
قصة سيدنا يونس

سيدنا يونس عليه السلام هو نبي من أنبياء الله الذين أرسلهم من أجل نشر الدعوة في الأرض والدعوة إلى عباده الله مثله مثل أي نبي جاء به الله ، إلا أن سيدنا يونس عليه السلام انفرد دون غيره من الرسل بقصة عجيبة وغريبة وهي قصة الحوت ، فأصبح اسمه مقروناً بقصة حوت يونس ، فدعونا نتعرف علي قصته.

مقدمة عن قصة سيدنا يونس عليه السلام

إن قصص الأنبياء فيها الحكم والعبر والمواعظ، لذلك لم يذكرها الله عز وجل عبثاً وإنما كما ذكرنا مِراراً أنها للعبرة والعظة وتثبيت المؤمنين، في هذه القصة قصة رسول من رسل الله اسمه (يونس بن متى)، وسُميّ ( بذ النون)، وما معنى { النُّونْ }؟ ، إنه الحوت ولهذا أيضا ذكر في القرءان بصاحب الحوت فما قصة هذا النبي ، أرسله الله عز وجل إلى مدينة تُسمى ” نينوى ” في محافظة تُسمى الموصل، إلى اليوم هذه المدينة موجودة، كان فيها وقتها أكثر من مائة ألف إنسان لا يؤمنون بالله .

نشأة سيدنا يونس عليه السلام

بعث الله عز وجل لهم هذا النبي الذي يُسمى (يونس بن متي) ،يدعوهم إلى الإيمان بالله عز وجل، ويدعوهم إلى توحيد الله، استمر سنوات يدعوهم إلى عبادة الله عز وجل، و لم يستجب منهم أحد قط لا رجل ولا امرأة لا صغير ولا كبير، لا غني ولا فقير كلهم كفروا بالله وسخروا بيونس واستهزئوا به كما قال الله عز وجل : { كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ }، ماذا كانوا يقولون له { إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ } .

كلهم اتفقوا على الاستهزاء بيونس عليه السلام، والسخرية منه وايذائه، حتي ييأس ويكف عن دعوتهم، وحتي لا يؤمن به أحد من قومه، إذا سمع قصة سيدنا يونس، فقد دعاهم وصبر وتحمل الأذى ما ترك بيتا ما ترك طريقا ما ترك أحدا في هذه الأمة، إلا ودعاها إلى عبادة الله عز وجل، ولكنهم أصروا على الكفر بالله وعاندوا واستكبروا، فأوحي الله عز وجل إلى سيدنا يونس عليه السلام، بعد أن دعاهم إلى عبادة الله وبعد أن صبر في دعوته إلى الله، أوحى الله إلى يونس أن قومك سوف ينزل عليهم عذاب بعد ثلاثة أيام، إذا لم يؤمنوا بالله عز وجل، مُهلة لِقومك فقط لِثلاثة أيام فإما أن يؤمنوا بالله وإما أن ينزل عليهم العذاب، كما قال الله تعالي :{ وَلَنُذِقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } .

فذهب يونس إلى قومه وَذَكَّرَهُمْ بالله قال : يا قوم أمْهَلَكُمْ الله ثلاثة أيام، فإما أن تؤمنوا بالله وإما أن يحل بكم ما حل بالأقوام قبلكم، إما أن تؤمنوا بالله أو ينزل عليكم عذاب يُهْلِكَكُم جميعا، ومع هذا أصروا واستكبروا وعاندوا وقالوا افعل كا تشاء يا يونس، فلن نؤمن بك ولن نصدقك، في هذه اللحظات شعر يونس عليه السلام بغضب على قومه، وَيئِسَ من هدايتهم فخرج مُغضَباً عليهم حزينا على ما سيصيبهم من عذاب .

خروج سيدنا يونس من قومه في حالة استعجال وغضب

يونس عليه السلام
يونس عليه السلام

فلما خرج يونس عليه السلام من قومه غضبانا حزينا، وترك بلدته ومن فيها لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا بالله عز وجل، شعر قومه بالندم وكأن العذاب سيصيبهم، وكأنهم أحسوا ان كلامه حقيقي وأن وعد الله حق، وكأنهم بعد انتهاء هذه الأيام الثلاث سيهلكون، فشعروا بالندم وشعروا بالتوبة يتضرعون إلى الله عز وجل ، أبعدوا الحيوانات عن أولادها فزغت ورغت وعلا صِياحها، خرج الناس من بيوتهم يتضرعون إلى الله، في نينوى الكل يبكي حتى لا ينزل بهم العذاب، فمن يقدر علي كشف العذاب اذا نزل غير الله عز وجل، { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} ليس لهم إلا الله { وَيَكْشِفُ السُّوءَ} .

إنه الله لم يشعر يونس بهذا وخرج من قومه وهو غضبان عليهم، لكنهم جميعهم عن بكرة أبيهم آمنوا بالله عز وجل وأحسوا بالندم وتابوا إلى الله، وكشف الله عنهم العذاب، لم تؤمن قرية من قبل كما آمن قوم يونس في نينوى ، كما قال الله تعالي : { فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ } .

خرج يونس من قريته متوجها إلى البحر، لِيُغادر قومه بعد أن أمهلهم ثلاثة أيام لِينزل عليهم العذاب، وعندما لم يؤمن به أحد، توجه إلى البحر لِيُهاجر وينشر دين الله ويبلغ دعوته في الأرض ، لكن سيدنا يونس استعجل على قومه، ذهب إلى البحر فركب سفينة، هذه السفينة امتلأت بالناس وامتلأت بالبضائع ركب معهم يونس عليه السلام، ليعبروا البحر، وعندما هم في طريقهم في البحر حَلَّ الظلام عليهم ، لما نزل الظلام بدأت الأمواج تتلاطم بدأت الريح تشتد، السفينة تهتز بدأ الناس يبكون، إن السفينة ستغرق بأهلها خاف الناس وفزع الناس وفيهم نبي الله يونس عليه السلام ، كما ذكر القرءان الكريم : { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ } .

بدأ الناس يرمون البضائع شيئا فشيئا حتى لا تغرق السفينة لكنها لا زالت ستغرق، فقالوا إذا لابد أن نضحي ببعض الناس حتي ينجوا الآخرون، نضحي بمن قالوا لابد أن نلقي واحدا تِلو الآخر، نظر الناس في البحر وفي ظلام الليل والظلام حَالِك، فإذا بحيتان وأسماك تجوب البحر من يجرأ أن يرمي نفسه إلا من أراد هلاكها ، قالوا لابد أن يقوم أحد ويلقي بنفسه فلم يوافق أحد أن ينزل من السفينة ويلقي بنفسه .

وقوع القرعة علي سيدنا يونس

قالوا إذا لابد لنا من قرعة فمن وقعت عليه يبدأ بالنزول، الأول فالثاني فالثالث فالرابع هكذا حتى تنجوا السفينة بأهلها، وكانت السفينة مليئة فإذا بالقرعة تأتي علي واحد تلو الآخر واحد تلو الآخر حتى وصل الأمر إلى يونس عليه السلام، فوقعت القرعة عليه، عَلِم يونس أنه مقصود بدأ يستعد بإلقاء نفسه، قالوا له لا يا يونس لا يا يونس اصبر، رأوه رجلا صالحا رجلا صاحب حلق كريم ولسان طيب، قالوا لا انتظر نريد أن نعيد القرعة مرة أخرى فإذا بالقرعة تقع مرة أخرى على يونس عليه السلام .

فإذا بيونس عليه السلام تقع القرعة عليه في المرة الثانية فخلع القميص، قالوا لا بل اصبر نعيدها المرة الثالثة و فعلا في المرة الثالثة تقع على يونس نفسه، نزع ملابسه ثم رمى نفسه في البحر في ظلمة الليل { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ }، رمى بنفسه يونس عليه السلام في البحر، فأوحى الله عز وجل في ذلك الظلام وفي تلك الأمواج أن تسكن، وفي هذا الريح وتهدأ الأمواج وتسلم السفينة بأهلها .

ابتلاع الحوت لسيدنا يونس و دعاء سيدنا يونس

 دعاء سيدنا يونس في بطن الحوت
دعاء سيدنا يونس في بطن الحوت

أما يونس أوحى الله عز وجل لحوت في البحر كان ينتظر يونس أن اذهب لهذا النبي أن اذهب إلى هذا الرسول فالتقمه وابتلعه وَلاَ تقطع لحمه ولا تكسر عظما له، فابتلعه الحوت.

فإذا بيونس عليه السلام داخل بطن الحوت، ظن أنه قد هلك فإذا به يتحرك داخل بطن الحوت، فلما عَلِمَ أنه لازال حيا سَجَدَ لله عز وجل في بطن الحوت، وقال ربي سجدت لك في مكان لم يسجد لك أحد مثله لم يسجد أحد من البشر، في مثل هذا المكان اتخذته لك مسجدا، { وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ }.

فإذا به في ظلمة البحر وفي بطن الحوت يسمعأصوات غريبة: فقال في نفسه ما هذا الصوت يا رب ما هذا الصوت وأنا في قاع البحر، فقال الله عز وجل له يا يونس هذا هو تسبيح الأسماك في البحر ،{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لاَ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } .

في تلك اللحظة قال يونس (لا إله إلا أنت تَذَكَّرَ أعظم كلمة لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، وهذا هو دعاء سيدنا يونس عليه السلام، اعترف يونس بخطئه وبتقصيره لأنه استعجل على قومه ولم يمهلهم المهلة التي طلبها الله منهم، ندم يونس وأخذ يتضرع ويتوب إلى ربه جل عز وجل، وكان كثير التسبيح قال لا إله إلا أنت في ظلام الليل، في ظلمات ثلاث في ظلمة حوت وبحر وليل مظلم قاتم، فإذا به يقول تلك الكلمات فتصعد الكلمات وتخترق السماء الدنيا ثم الثانية ثم الثالثة، فسمعت الملائكة هذه المناجاة وقالت عبد يناجيك يا الله.

فقالت الملائكة يا رب يا رب، صوت مألوف لكن من مكان لا نألفه يخرج من مكان غريب فقال الله عز وجل للملائكة ألا تعرفون صوت من هذا قالت الملائكة، لا يا رب لا ندري قال إنه صوت عبدي يُونُسُ إْبنُ مَتَّى قالوا يا رب ألن تنجيه قال بلى سأنجيه.

وكان سبب نجاة سيدنا يونس أنه كان دائم الذكر لله في السراء والضراء، بسبب وبدون ذكره، فكان لسانه على الدوام يردد ذكر الله، { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ } لولا أنه كان هكذا في بطن الحوت وقبل الحوت لظل وإن كان نبيا في هذا الحوت إلى أن تقوم الساعة كما قال الله عز وجل : { فلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }، فيجب علي المؤمن طِوال الوقت أن يذكر الله عز وجل لأن الذكر يطمئن القلب، لو كان الإنسان في سجن لو كان في بئر لو كان في غار لو كانت الأعداء حوله لو كان المرض يهلكه، فإنه بذكره لله عز وجل يطمئن قلبه ويهدأ ويستكين، { ألا بذكر الله تطمئن القلوب } .

فظل يونس يذكر الله عز وجل ، حتى أذِنَ الله عز وجل ليونس عليه السلام بالفرج، وأي فرج وهو في بطن الحوت وكيف يُفرج الله عز وجل ليونس عليه السلام وهو في هذه الظلمات الثلاث، أمر الله الحوت الذي ابتلع يونس عليه السلام، أن انتهت مهمتك فالفظ يونس إلى شاطئ البحر، فلفظ الحوت يونس عليه السلام إلى شاطئ البحر .

سقط يونس عليه السلام على شاطئ البحر، و هو سقيم يقولون كان جلده على عظمه ضَعُفَ جسده رق جلده صار هزيلا ضعيفا، هكذا كان وصف يونس عليه السلام، و هو على شاطئ البحر والشمس على رأسه {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ }.

سقط على شاطئ البحر بين الحياة والموت، المرض والضعف، والوهن والتعب قد تملكا منه، لا ندري كم ظل في بطن الحوت، لكنه رسول من رسل الله عز وجل، نجاه الله لأنه كان من العابدين الذاكرين، ولولا أنه كان من المسبحين ما خرج من بطن الحوت، لأنه كان ذاكرا لله واستغاث بالله، { وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ }، من الظلمات الثلاث { وَكَذَلِكَ نَنَجِّي الْمُؤْمِنِينَ } .

ما إن سقط على الشاطئ إلا وأنبت الله على رأسه شجرة كبيرة ، ما هذه الشجرة؟، إنها شجرة اليقطين التي تُسمى عندنا اليوم القرع، أنبتها الله مباشرة على رأسه، لأن أوراقها كبيرة يستظل بظلها ولأن فيها ثمرة يأكل منها وتشعره بالشبع والطاقة، أخذ يأكل من الثمر وتأتي إليه غزالة كل يوم، يشرب من لبنها يشرب من اللبن ويأكل من اليقطين ويتوارى تحت ظل شجرة كما قال الله تعالى{ وأنبتنا عليه شجرة من يقطين } .

ظل يونس عليه السلام يأكل ويشرب و يقوى جسده شيئا فشيئا حتى اشتد سَاعِدُهُ، لكن لِمَا كل هذا الذي حصل ليونس، أراد الله عز وجل أن يعلم يونس أمرا، يا يونس ارجع مرة أخرى إلى أين، أرجع يا يونس إلى قومك  ارجع لهم مرة أخرى .

أمهلهم فيها كما تذكرون ثلاثة أيام، الآن ربما نزل بهم العذاب لِمَا أرجع لهم والعذاب قد نزل عليهم، لِمَا أرجع لهم ولم يستجيبوا لي، فلما رجع يونس عليه السلام إلى قومه، وجد أن كل أهل القرية قد آمنوا بالله عز وجل.

الدروس المستفادة من قصة سيدنا يونس

1-الصبر علي العصاة وعدم التعجل والغضب منهم ،{ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ}.

2- سرعة التوبة والرجوع الى الله والتضرع اليه، كما فعل سيدنا يونس عليه السلام { إِذْ نَادَى} في الحوت { وَهُوَ مَكْظُومْ }، نادى ربه لكن الله عز وجل نجاه واجتباه وجعله من الصالحين ليقولن أحد من الناس أنني خير من يُونُسُ بْنُ مَتَّى أنا صبرت، لا الله عز وجل من حكمته أراد ليونس عليه السلام، أن يحدث له ما حدث ليعلمه ويعلمنا .

3- أن ذكر الله وتسبيحه والتضرع اليه هو السبب الرئيسي لكشف الضر وتفريج الكرب، { أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } .

إلى هذا اليوم أنهينا قصة من قصص الأنبياء، المليئة بالعبر والدروس، وهي قصة سيدنا يونس عليه السلام، نتمني أن تكونوا استفدتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

قصة سيدنا ابراهيم

قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام كاملة

قصة سيدنا نوح

قصة سيدنا نوح عليه السلام كاملة